يقول المصنف: [وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أفضل المتوكلين] وهذا بلا شك، لا كما قال الغزالي وغيره، قال المصنف: [يلبس لأمة الحرب] فقد كان إذا خرج للجهاد يلبس درعه.. بل كان يلبس درعين أحياناً، وهذا من باب الأخذ بالأسباب، وحفر الخندق أخذاً بالأسباب، وفي جميع معاركه كان يترصد القوم، فيبث العيون -الجواسيس- ليأتوا له بالأخبار، ويأخذ من الخيل ما استطاع.. كل ذلك دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يأخذ بالأسباب.
[ويمشي في الأسواق للاكتساب حتى قال الكافرون: ((مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ))[الفرقان:7] ]، والحقيقة أن أكثر كسبه صلى الله عليه وسلم ونفقته كان من خمس الغنائم، وهو أشرف أنواع المكاسب، ولهذا يقول: {وجعل رزقي تحت ظل رمحي} فالله تعالى جعل من هؤلاء الكفار عبيداً للدنيا، يجمعونها، ثم يأتي عباد الله الصالحون، فيجاهدونهم، فيرثون هذه الأموال والكنوز والحضارات: {والذي نفسي بيده! لتنفقن كنوزهما في سبيل الله } يعني كسرى وقيصر، وقد أنفقت في سبيل الله كما قال صلى الله عليه وسلم.